الجزائر:
-حدثُ الأسبوع:
-المؤتمرُ العامُّ لحركة حمس:
-لا شكَّ بأنَّ الجزائر هذا الأسبوع سياسيًّا وإعلاميًّا وحتَّى أمنيَّا معنيَّةٌ حصرًا بعقد حركة مجتمع السلم-حمس- لمؤتمرها العامِّ الثامن المقرَّر لأيَّام 16-17-18 مارس/ آذار، والذي يعرفُ البنية السياسيَّة للجزائر اليوم يدركُ وأنَّ اختيار قيادة جديدة للحركة التي تستحوذُ على أكبر كتلة برلمانيَّة معارضة في برلمان الجزائر،هو أهمُّ حدثٍ في هذه الفترة، وقد كاد مرشَّحها المؤسِّسُ الشيخ محفوظ النحناح أنَّ يفوز بالانتخابات الرئاسيَّة سنة 1995 أو هو قد فاز حسب تقارير الحركة –رغم التزييف تحصَّل الراحل النحناح على ثلاثة ملايين صوت-إلَّا أنَّ إرادة العسكرِ والتي لم تسمحْ للفيس-الجبهة الإسلاميَّة للإنقاذ- بتولِّي السلطة وأحرقت الجزائر من أجل ذلك، لن تسمحَ لنحناح المتحالفِ مع السلطة والقريب من العسكر ولو نسبيًّا بأن يصل أيضًا عبر صناديق الاقتراع لسدَّة الرئاسة-تحالفٌ دون تجاوز الخطوط الحمرِ والرئاسةُ خطًّا أحمر- فهو منصبٌ حكرٌ على العسكر ومرشَّحهم، ولكن عبر الديموقراطيَّة الصوريَّة، وممكنُ أن نطلق عليها ديموقراطيَّة العسكر.
حركةُ-حمس- الحركةُ الأبرز في الساحة الجزائريَّة استقرارًا وديموقراطيًّة ، وتواجدًا في الساحة الإسلاميَّة المتنوِّعة المتعدِّدة المتَّفقة المختلفة، والتي قد حافظت رغم كارثيَّة عقد التسعينات على وحدتها-إلَّا انشقاقًا صغيرًا سنة 2008 وقد تمَّ توحيد الحركة لاحقًا سنة 2017-، فلم تشهد الحركةُ إلَّا هزَّات قليلة لا تعتبرُ عيبًا في الساحة السياسيَّة الجزائريَّة، فعبد الله جاب الله مثلًا انشقَّ عنهُ أغلبُ المكوِّنات التي أسَّسها طيلة تجربته الإسلاميَّة منذُ سبعينات القرن المنصرم،فعددٌ لا بأسَ بهِ من قيادات الفيس مثلًا كانوا من ظمن تنظيمه من الشهيد حشَّاني إلى الهاشمي سحنون وغيرهما كثير، وإلى الآن ما زال يؤسِّسُ وتنشقُّ عنهُ المشاريع.
بعد تقارب كبير مع السلطة في عهد المؤسِّس الشيخ محفوظ النحناح، فإنَّ الرئيسَ الحالي والمتخلِّي اليوم قانونيًّا على رئاسة الحركة ليفسح المجال لغيره للقوانين الداخليَّة للحركة والتي لا تسمحُ لرئيس مَا بتولِّي أكثر من عهدتين رئاسيَّتين ونقصد به الدكتور-الطبيب- عبد الرزَّاق مقري، ينأى بنفسه عن الشراكة السياسيَّة أو الشراكة في السلطة، وقد جرَّبت الحركةُ كما قلنا الدخولَ في أغلب حكومات-العسكر- أَّمَّا مع المقري فقد قاد حملة مقاطعة الانتخابات الرئاسيَّة السابقة التي قادت تبُّون للسلطة، كما قاد حملة مقاطعة الاستفتاء على الدستور، ورغم ذلك فقد حافظ على ديبلوماسيَّته المعهودة، وتوالت زياراته للقاء تبُّون، وآخرها قبل المؤتمر-المنعقد اليوم- فيما يشبهُ نوعًا من الشكر يقدَّمُ لمؤسَّسة الرئاسة-والعسكر بشكل غير مباشر- والتي لم تناصب الحركةَ العداءَ رغم مقاطعتها لأهمِّ أنشطة السلطة وأهمَّها كما ذكرنا الانتخابات الرئاسيَّة السابقة، والاستفتاء على الدستور.
من كواليس الحركة والإعداد للمؤتمر فإنَّ الدكتور مقري صاحب المشروع والنهج داخل الحركة-المغاير تمامًا لتمشِّي الراحل النحناح- يدفعُ بعبد العالي الحسَّاني الأمين الوطني للتنظيم –مشرفُ التنظيم- من أجل أن يُنتخبَ كرئيسٍ للحركة خلفًا له، لتستمرَّ عبرهُ خطَّةُ قيادة الحركةِ على نفسِ النهج-المشاركةُ السياسيَّة مع مقاطعة المشاركة الحكوميَّة-، وربَّما تسمح الاستمراريَّة في عودة المقري في المؤتمر القادم لرئاسة الحركة إذا كانت الرغبة ما زالت تعنيهِ في تولِّي هذه المسؤوليَّة،-تجربةُ عبد الله غول أردوغان- بالمقابل عبد المجيد المناصره الوجه الإسلامي والإعلامي الشهير جدًّا في الجزائر، ووزير الصناعة الأسبق،والذي تولَّى رئاسة الحركة لفترة وجيزة جدًّا سنة 2017 بعد مؤتمر التوحيد الذي تحدَّثنا عنه، وصاحب الخطِّ المغاير لأطروحات المقري-لا يرى مانعًا من المشاركة في السلطة- يقدِّمُ نفسه كأبرز مرشَّحي الحركة، ولا يمكنُ الحسمُ بين الرجلين-ولو استشرافيًّا- لأنَّ المسألةَ تمرُّ عبر الانتخاب، ولا يمكنُ التكهُّن بالنتائج إلَّا عبر معرفة ثقل كلِّ جهةٍ داخلَ الحركةِ، كذلكَ تحالفات اللحظات الأخيرة بين مختلف الكتل، وفي كلِّ الحالات فإنَّ الجزائر ستنتصر من خلال إرساء ممارسة ديمقوراطيَّة إسلاميَّة بعيدة عن لعبةِ العسكر، وقريبة من نهج الديمقراطيَّة، ونهج التداول السلمي على السلطة-الحزبيَّة- ممَّا سيدفعُ ببروز حركات أخرى في الساحة لتنهجَ هذا النهج، ولعلَّ المحطَّات السايسيَّة القادمة ستقدِّمُ مثل هذه النماذج لتستفيد منها الجزائر الجديدة بل كامل المنطقة.
-الجزارُ في أسبوع:
-سياسيًّا-التغييرُ الحكومي:
كما كان منتظرًا تمَّ الإطاحةُ بالدبلوماسي الجزائري المخضرم رمطان العمامرة، خلال التعديلِ الوزاري الذي أجراهُ الرئيس تبُّون اليوم الخميس 16 من شهر مارس، كما شمل التغييرُعلاوةً على وزارة الخارجيَّة عشرة حقائب وزاريَّة أخرى، وتمَّ تعيينُ أحمد عطاف وزيرًا للخارجيَّةِ خلفًا للعمامرة، وتغييرُ رئيس ديوان الرئيس أيضًا.
وزيرُ الخارجيَّة الجزائري المقال رمطان العمامرةَ كان قد شغل منصبه-السابق- منذُ يوليو من سنة 2021 للمرَّة الثانية، وكان قد شغل المنصبَ نفسهُ سنة 2013 فيما كانت هذه الخطوةُ منتظرةً بالنسبةِ للمتابعين، نظرًا لاختلافِ وجهات نظر العمامرة مع الرئيس تبُّون في الكثير من الملفَّات الخارجيَّة، وعلى رأسها ملفُّ الجزائر المغرب، أو ما يُعرفُ بملفِّ الصحراءِ الغربيَّة، وكان تبُّون قد همَّشَ منذُ مدَّةٍ العمامرة ومنصبهُ وتمَّ تغييبهُ عمدًا عن الكثير من الأنشطةِ الديبلوماسيَّةِ، وكان آخرها تغييبهُ عن المشاركةِ الإربعاء المنصرم عن الدورةِ العاديَّةِ لمجلس الجامعةِ العربيَّة بالقاهرة، حيثُ خلفهُ السفيرُ الجزائري بالقاهرة، رغم أهمِّيَّة جدول الأعمال، علمًا بأنَّ صراع العمامرةَ تبُّون على ما يرى المتابعون هو صراعُ جهاز الاستخباراتِ ضدَّ جهاز سلطةِ العسكر، كما هو معلومٌ أيضًا فإنَّ العمامرة يعتبرُ وجهًا مقرَّبًا جدًّا من جهاز الاستخباراتِ خاصَّةً في عهدِ الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، في حين يُعتبرُ الرئيسُ كما هو مألوفٌ ومعلومٌ في الجزائر من خياراتِ مؤسَّسةِ العسكر
كما يبدو في سياقٍ آخرَ ولا يتناقضُ مع الأوَّلِ فإنَّ إبعادَ العمامرة في هذه الفترةِ جاء من طرفِ العسكر في إطارِ تقزيم حضوض العمامرةَ في خوض الانتخابات الرئاسيَّة المزمع عقدها السنة المقبلة 2024 للتمهيدِ لبروز مرشَّح العسكر وصناعة هالةٍ إعلاميَّةٍ حوله-بروباغندا-، تحوِّلهُ إلى مرشَّح شعبي فعلي وليسَ مجرَّد كومبارس، والعمامرةُ السبعيني المخضرمِ بعيدٌ عن هكذا بروفايل كما يُقال.
-عسكريًّا:
تمَّ تعيينُ العقيد محرز الجريبي مديرًا مركزيًّا لأمن الجيش بالنيابةِ خلفًا للعميد عبد العزيزنويوات شويطر، وقد أشرف شنقريحةَ بنفسه على تنصيبِ المدير المركزي بالنيابةِ الجديد على إحدى أهمِّ المؤسَّساتِ الأمنيَّةِ العسكريَّةِ في الجزائر،وللمختصِّينَ فإنَّ هذه المؤسَّسةَ كانت لاعبًا أساسًا في ما سُمِّيَ لدى الجزائريِّينَ بالعشريَّةِ السوداء.
-اقتصاديًّا:
-تستمرُّ قطرُ في الدخولِ بقوَّةٍ للسوقِ الماليَّةِ الجزائريَّة من خلال جملةٍ من المشاريع الجديدةِ وكذلك تطوير ما لديها من مشاريعَ قديمةٍ، وهي تجدُ تسهيلاتٍ ضخمةٍ من السلطاتِ الجزائريَّةِ في هذا الإطار، والجديدُ هو إبرامُ اتِّفاقيَّتين بين أوريدو وإحدى الشركات العالميَّة الرائدةِ في مجال تكنولوجيات الاتِّصالِ من أجلِ تطويرِ شبكةِ أوريدو الجزائر.
يهدفُ هذا الاتِّفاق الفنِّي لتمكين أوريدو من الوصول إلى أحدث التقنيات والحلول الفنِّيَّة في السوق الجزائريَّة ممَّا سينعكس على جودة خدماتها للحريف الجزائري.
-في التقرير الأخير لمنظَّمة أوبيك، صُنِّفَ النفطُ الجزائري-مزيج صحاري بلند- الأغلى سعرًا عربيًّا في العام المنصرم 2022 إذ بلغ 7،80دولًارا متقدِّمًا على الخامِّ العربي الخفيفِ السعودي بنحو7،0 دولارًا.
فنِّيًّا يشهدُ السوقُ العالميَّةُ تزايدَ الطلبِ على منتج الجزائرالنفطي، وذلكِ لجودتهِ وقلَّةِ الكبريت فيه.
في السياق نفسه كشفَ رئيسُ سوناطراك توفيق حكَّار بأنَّ الجزائر ستضخُّ ما لا يقلُّ عن 100 مليار متر مكعَّب من الغاز الطبيعي سنويًّا على مدى السنوات الخمس المقبلة في السوق الدوليَّةِ، وقد ارتفعت صادراتُ الجزائر خلال2022 إلى نحو56 مليار متر مكعَّب مقابل 54 مليار متر مكعَّب في السنة التي قبلها.
-استراتتيجيًّا:
سياسيًّا واسترتيجيًّا نعيدُ طرح مشكلةِ الاقتصادِ الريعي الذي يغرقُ فيه الجزائر منذُ الاستقلال، رغم أنَّهُ بلد ثريٌّ طاقيًّا غازًا ونفطًا، إلَّا أنَّ باقي ما يصدِّرُ الجزائر للعالم لا يصلُ إلى 5% من مجموع منتجه، بل إنَّ تلك الخمس في المائة بدورها على الأغلب لها ارتباطاتٌ بالطاقة، فمتى يمكنُ لنا أن نرى جزائرًا مصنِّعًا، أو مستفيدًا من ملايين الهكتارات الصالحة للزراعة فيه، مثل سهل المتيجة، والذي يعدُّ سهلًا مهيَّئًا طبيعيًّا لإحداث قفزة فلاحيَّةً في الجزائر، قد تتجاوز به الاكتفاء الذاتي في الموادِّ الفلاحيَّة الأساسيَّة خاصَّة والألبان والحليب واللحوم إلى التصدير،فأحاديَّة الاقتصاد والريعي منهُ على وجه الخصوص، يكفي أن تمرَّ البلاد بحصارٍ مَا دولي خاصَّةً حتَّى تجدها تسقط آليًّا في الأزمة الغذائيَّة، بل في الكارثة، والعراق آخر هذه النماذج.
-ديبلوماسيًّا:
-في إطار الديبلوماسيَّة الجزائريَّة في عهدة تبُّون الطامحة لتواجد فعلي وقوي في عمق القارة السمراء، والذي سخَّرت له الجزائر مليار دولار، أكَّد علي قادري المدير العامُّ للقرض الجزائري أنَّه سيفتتحُ في القريب العاجل بنكين في السينغال وموريتانيا لتسهيل التبادل الاقتصادي بين الجزائر وبقيَّة البلدان الإفريقيَّة المتواجدة في محيط البلدين،كما لا يفوتنا وأن نذكِّر أيضًا بأنَّ المغرب-الجار العدو- يقومُ بنفسِ الخطوات ولكن في إطار التوسُّع التسويقي للفسفاط، وقد افتتحَ نقاطًا متقدِّمةً لتمثيل المؤسَّسة الرسميَّة التي تُعنى بتسويق الفسفاط المغربي في أكثرمن بلد إفريقي جنوب الصحراء، وفي هذا الإطارأيضًا تأتي زيارة رئيس أوغندا اليوم الأحد إلى الجزائر من أجل الاستفادةِ من مشروع التواجد الجزائري الاقتصادي في العمق الإفريقي.
-يؤدِّي المفوِّض السامي للاتِّحاد الأوروبِّي للشؤون الخارجيَّة جوزيب بوريل زيارةً يومي الأحد والإثنين(11-12) من هذا الشهر، ومن المنتظر أن يلتقيَ خلالها بالرئيس تبُّون ووزير الخارجيَّة، وقيل بأنَّ الزيارة تأتي في إطار مناقشة العديد من الملفَّات الإقليميَّة، ونحن نرى أيضًا بأنَّها تأتي في إطار تليين وتسهيل التعامل مع الجزائر البلد الذي وهبتهُ أزمة أوكرانيا روسيا حضوة أوروبيَّة لا مثيل لها، من خلال اعتباره المنقذ للقارَّةِ العجوز من العجز الطاقي الذي تسبَّبت فيه الحرب الجارية، وقد تطوَّرت العلاقة الطاقيَّة أخيرًا بين الجزائر وأوروبًّا خاصَّة من خلال موافقة الجزائر على افتتاح أنبوب لنقل الطاقة لإيطاليا، ومنها إلى باقي الدول الأوربيَّة يمرُّ عبر البحر داعمًا للأنوب الذي يعبر تونس ومنهُ إلى إيطاليا، والذي لم يعد يفي بالغرض أمام تعنُّت الموقف الروسي في تطبيع العلاقات الطاقيَّة مع الاتِّحاد الأوروبِّي بعيدًا عن موقف الأخير من موسكو.