-ليبيا في أسبوع:
-أمريكا على الخط:
-نشرت الولاياتُ المتَّحدةُ الأمريكيَّةُ يوم24 مارس 2023 عبر مواقعها الرسميَّة، وموقع وزارة الخارجيَّة على وجهِ الخصوصِ ما سمَّته بـ” استراتيجية الولايات المتَّحدة لمنع الصراعِ وتعزيرِ الاستقرارِ: الخطَّةُ الاستراتيجيَّة العشريَّة لليبيا”، فيمَ يشبهُ استعدادًا أمريكيًّا تفصيليًّا للنزول على الأرض في ليبيا،كما كان متوقَّعًا،وعدم تركِ الوضع الراهن لا للمغامرات الداخليَّة-الصراع الليبي الليبي- ولا للصراع الإقليمي الفرنسي الإيطالي، أو حتَّى الأقليمي القريب مصر والإمارات على وجه الخصوص،وربَّما القطري التركي إذا أردنا أن نكون أكثر إنصافًا.
اللاعبُ الأمريكي والذي لا يقدمُ على أمرٍ مَا دوليًّا كما هو معلومٌ حتَّى يحسب له كلَّ حساباته، أخيرًا وبالتوازي مع خطَّة الأمم المتَّحدة -مشروع باتيلي الغير قابل للتنفيذ-المدعوم أمريكيًّا، ينشرُ خطَّتهُ لإنقاذ ليبيا ظاهرًا ممَّا تردَّت فيه من صراعات قد تنذرُ بوصول الفرقاءِ إلى نقطة اللاعودة، وباطنًا للرجوع الرسمي والفعلي والمادِّي إلى ليبيا كما كانت عليه قبل انقلاب 1969 ومع الطموح المتزايد في الدخول للقارَّة الإفريقيَّة بقوَّةٍ فإنَّ ليبيا تُعتبرُ للأمريكان ولغيرهم فرصةً لا تعوَّضُ وذلك للعديد من المعطيات-والأسباب- ليس أقلَّها المخزون الهائل من الطاقة سواء النفط أو الغاز-يقدَّرُ المخزون الاستراتيجي الليبي من النفط فقط في حدود ال48 مليار برميل، قد استهلكت منه ليبيا استخراجًا وتسويقًا في حدود ال30مليار برميل، والمتبقِّي أي ال18 مليار برميل يعتبرُ رقمًا جدُّ محترمًا، ومغري للقوى العظمى من أجل القرب من مصادرهِ، أو احتكار الاستفادة منه، ناهيك عن إمكانيَّات الاستكشافات الجديدة كما أشيع في التسعينات حول المخزون الخرافي الذي تستبطنهُ أراضي سرت، وجزءٌ من بحرها، والأمريكان كانوا وراء تلك الخريطة التي سُرِّبت حينها، وانتشرت بعد الثورة بشكلٍ كبيرٍ حول المخزون الهائل في تلك المنطقة، وأمَّا الاحتياطيَّاتِ المؤكَّدةِ من الغازِ فتتجازُ ال80تريليون قدم مكعَّب-
الصراعُ الفصائلي على الأرض والذي يسمحُ للأمريكان بسهولة وجود حليفٍ يريدُ أن يحكم ولا تعنيه الشروط الداعمة ولو كانت مجحفةً في حقِّهِ مغرٍ بالتفكير جدِّيًّا في ليبيا، وللأمانةِ فإنَّ هذا الخيارَ أو الطرحَ لا ينطبقُ على حفتر فقط، بل على أكثر من طرفٍ في الشرقِ أو الغرب الليبي، فأيُّ بلدٍ فيه صراعاتُ فصائل، قابليَّةُ أكثر من فصيلٍ للولاءِ للخارج من أجل الدعم أكثرُ من ممكنة، وأكثرُ من واقعيَّة.
في الخطَّة الواضحة جدًّا فيما تطرحُ الغامضةُ جدًّا في التفصيلات، وكما هو معلوم فلكلِّ خطَّةٍ تعدُّ للنزول على أرضٍ غريبةٍ ضرورةً لا بدَّ من شريك على الأرض ليسهل ذلك الأمر تحت أيِّ مسمَّى، من مصلحةِ ليبيا إلى الواقعيَّةِ السياسيَّة، إلى ضرورةِ التخلُّصِ من الخصمِ ثمَّ لكلِّ حادثٍ حديث،ستجدُ أكثرَ من جهةٍ المبرِّراتِ لها بالعشرات، أو لا خوف على الثورة الليبيَّة من أيِّ غازٍ أجنبي، ومثل هذهِ الشعارات الرنَّانةِ ظاهرًا والخطيرةِ واقعًا،أي البحث عن المهندس أحمد شاه مسعود-الليبي- قائد تحالف الشمال في أفغانستان إبَّان الغزو الأمريكي الغربي تحت ذريعة محاربة الإرهاب،والذي دفع حياتهُ ثمنًا لتلك المغامرة-قتل يوم 9 سبتمر2001أي قبل أحداث ال11 سبتمبر بيومين- والتي أثبتتْ فشلها في النهايات، وخرج الغازي الأمريكي بعد عشرين عامًا من الويلات بصفر مكاسب بعد أن دمَّر أفغانستان المدمَّرةُ أساسًا، وتكبَّدتْ خزينتهُ العامَّةُ أرقامًا ماليَّةً فلكيَّةً بدون أيَّةِ عوائد-تقدَّرُ الخسائر الماليَّةُ للحرب الأمريكيَّة في أفغانستان بتريليونا دولار، وفي الأرواح تقدَّرُ الخسائرُ أيضًا بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى-.
إذن نحنُ نخافُ ألَّا يكونَ صعبًا وجودُ حليفٍ على الأرض مغامرٍ أو حتَّى وطني، وربَّما ثوريًّا أصلًا، إذا اختلطت الأمورُ تختلط الأشخاصُ والنوايا والأهداف، وإن اختلفت الخريطةُ والأهدافُ يبقى كلُّ شيءٍ ممكنٌ،والأمريكي-الدولة العميقة الحاكمة منذُ التأسيس نعني- لا يتعلَّمُ من أخطائهِ أبدًا ،بل ويصرُّ على تكرارها في سبيل ألَّا يتراجع عن نظريَّةِ التفوُّق-نظريَّة الكوبوي-راعي البقر-، ولن تكون النخبةُ الليبيَّةُ بمختلف توجُّهاتها الفكريَّة محصَّنة من مثل هكذا مجازفات، وقد جُرِّبت هذهِ المغامراتُ سابقًا في أكثر من بلدٍ، وكانت نتائجها كارثيَّةً دائمًا، والمثالين الأفغاني والعراقي أفضل نموذج لفهم كارثيَّة مثل تلك الولاءات.
في الخطَّةِ الأمريكيَّة -العشريَّة-يبدو التركيزُ على الجنوب الليبي جليًّا،كأنَّهُ الشمال الأفغاني في النموذج الذي تحدَّثنا عنه في المقدِّمةِ محذِّرين من استنساخه،-منطقة فراغ للدولة أو للمتنفِّذين على الأرض، سواء الشرق أو الغرب الليبي-، والذي يقدَّمُ -أي الجنوب-وكأنَّهُ منظقة لا سلطة، أولا تحكمهُ إلَّا بعض القبائل،ولا تدينُ بالولاء لا إلى هنا ولا إلى هناك، وتجربةُ الأمريكان مع القبائل الأفغانيَّة والعراقيَّة أعطاها خبرةً لا يمكنُ أن يتمتَّع بها غيرها لا الفرنسيِّينَ ولا الإيطاليِّين، ولا حتَّى الروس، إذا ما اعتبرنا اللاعب الروسي عبر فاغنرمعنيًّا بالأرض الليبيَّة لسنوات أو لعقود، وتلك قصَّةٌ أخرى.
منطقةُ الفراغ في الجنوب، والتي يمكنُ أن تكونَ منطقةُ نفوذٍ وعبورٍ للإرهابِ على ما يوصِّفُ الأمريكان طبعًا، قد يكون النزولُ على الأرضِ، ولو تحت مسمَّى محاربة الإرهاب المشرَّعُ أمام العالم، ومنهُ يمكنُ توسيعُ النموذج أو تطويره، بدعوى نجاح التجربة.
السفيرُ الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند يرى بأنَّ الاستراتيجيَّة العشريَّة الخاصَّة بليبيا تستندُ إلى شراكاتٍ بنَّاءةٍ وبرامجَ على مستوى المجتمعاتِ المحلِّيَّةِ، وأنَّ هذهِ الشراكاتِ تدعمُ تطلُّعات الشعبِ الليبي في تحقيقِ الاستقرارِ والمساءلةِ والحوكمةِ المسؤولة.
كلماتٌ جدُّ جميلةٍ ومغرية، قال مثلها رامسفيلد قبل غزوالعراقِ ثمَّ تنكَّرَ لنتائجها لاحقًا،ونتائجها جليَّةٌ للعيانِ جعلت الكثيرينَ من معارضي الراحلِ صدَّامِ حسين يتحسَّرونَ على أيَّامه.
بنفس مثل تلك التصريحات قدِّمَ للتواجد الأمريكي في أكثر من بلدٍ، أو كانت كلمات مفتاح للتسويق لذلك، لكنَّها أثبتت فشلها مع الوقت، وقبل أن تُنشرَ هذه الخطَّةُ ويحيلها بايدن للكونغرس للمصادقة عليها زارت بابرا ليف مساعدة وزير الخارجيَّة الأمريكي ليبيا والتقت بأغلب الفرقاء شرقًا وغربًا، وصرنا نعتقد الآن بأنَّها كانت تُسوِّقُ لهذه الاستراتيجيَّة العشريَّة ،ولا ندري طبعًا خارج التصريحات الرسميَّة للمسؤولين الليبيِّين من كان مع الخطَّة ومن كان ضدَّها، وبالطبع من مع أمريكا على الأرض ومن ضدَّ ذلك، ويمكنُ أن يكون ال-مع- ذراعًا لها في البلد، مع ما يتطلَّبهُ ذلك من مسؤوليَّاتٍ سياسيَّةٍ وتاريخيَّةٍ أيضًا قد تقود صاحبها للسلطة في بلدٍ فيه صراعاتٌ يبدو أفق حلُّها صعب المنال، أو كذلك تسقطهُ سياسيًّا في أوَّل خيار ديموقراطي في ليبيا مثلما سقط الدكتور أحمد الجلبي في العراق ابنُ أمريكا المدلَّلُ في أوَّل خيارٍ شبهِ ديموقراطي في العراق-ديموقراطيَّةُ بولْ بريمر-.
الكاتب الليبي السياسي حسين السويعي يبدو فيما دوَّنَ على حسابه على الفايسبوك أكثر تخوُّفًا ممَّا نقدِّمُ في هذه الورقات حيثُ يعتبر أَّن أمريكا عبر هذه الخطَّة العشريَّة تريدُ العودة بليبيا إلى ما قبل 1969، وكذلك ولا ندري ما سأقولهُ على لسانه الآن أهو معطى أم مجرَّدُ تحليل بأنَّ الخطَّةَ لن تسمح بقيامِ جيشٍ ليبي قوي يمكنُ لهُ أن يحافظَ على البلدِ بل سيحرصُ الأمريكانُ على وجود جهاز شرطي-استخباراتي- يمكنُ التحكُّم فيه من خلال السفاراتِ الأجنبيَّة-يعني ضرب مشروع 5زائد 5 قبل أن ينجح-، وإن صحَّ ما يطرحُ السويعي فإنَّ الخطَّة لا شكَّ ستلاقي رفضًا كبيرًا من كلِّ الشرفاء والوطنيِّين في ليبيا إذا كانت في الأوَّل والأخير من أجل نزول الأمريكان على الأرض،وليس من أجل المساعدة على الاستقرار، وكما يقولُ السويعي فإنَّ أمرَ استعادةِ القواعد الأمركيَّة السابقة على الأرض سيكون محتَّمًا طبقًا لهذه الخطَّة، وهو يقصدُ قاعدةَ ويلس، وباقي القواعد في غرب ليبيا،لذا صرنا نفهمُ أمدَ الخطَّةِ المحدَّدةِ بعشرِ سنوات، وربَّما هذهِ العشرُ في نسختها الأولى فقط، لنرى عشراتٍ تتجدَّدُ آليًّا كلَّما تنتهي التي قبلها، ويرى السويعي أيضًا بأنَّ عين أمريكا على مصادرِ الطاقةِ في ليبيا مؤكِّدًا بأنَّ خطَّتها ستكونُ أيضًا في إطار حصارِ أوروبًّا-طاقيًّا- والتفُّردِ بليبيا بعد إخراج فاغنار، ولعلَّ تصنيف فاغنار من الخارجيَّة الأمركيَّة كمنظَّمة إجراميَّة عابرة للقارَّات يأتي في سياق الاستعدادِ إمَّا لإخراجها من ليبيا من خلال الضغط على الفرقاء الليبيِّينَ الذين لهم علاقات مَا مع فاغنار-حفتر أساسًا- أو بمواجهتها على الأرض إمَّا بدعم جهات مَا مسلَّحة قادرة عبر الدعم الأمريكي على مواجهتها، وهو ما يراهُ البعضُ أيضًا خيًارا استراتيجيًّا من أجل استقرار ليبيا أمنيًّا، أو من خلال مواجهة أمريكيَّة ضدَّها مباشرة، وربَّما بضربات جوِّيَّة مركَّزة حتَّى يسهل على أيِّ جهةٍ على الأرض إتمام باقي المهمَّة.
وفي الأخير هل يمكنُ أن يجد الأمريكان حليفًا لهم على الأرضِ ليصبحَ تنفيذُ تلكَ الخطَّةِ العشريَّةِ واقعيًّا؟
وإن كان الجوابُ بنعم، فنحن مقدمون على ليبيا جديدةٍ بما يعني أنَّ العنصر العسكري الأمريكي المغري للحركات الجهاديَّةِ في جميع أنحاء المعمورة أصبحَ في مكانٍ مَا على الخريطةِ اسمهُ ليبيا يمكنُ أن يكون حاضنةً للتيَّارِ الجهادي العالمي.
هل الساسةُ الليبيُّون واعون بخطورة الخطَّةِ العشريَّةِ الأمريكيَّة؟…ربَّما
-ليبيا في أسبوع:
-الشؤونُ السياسيَّة:
-كما كان منتظرًا لن تتأخَّر تفاعلاتُ النخبةِ الليبيَّةِ الحاكمةِ وغيرها فيما يخصُّ الخطَّة العشريَّةِ الأمريكيَّةِ للحلِّ في ليبيا المعلنُ عنها حديثًا:
فقد صرَّح محمد معزب عضو مجلس الدولة الاستشاري، وعضو المؤتمر العامِّ منذُ عام 2021 بأنَّ الحلَّ الوحيدَ في ليبيا هو تفكيكُ الميليشيات على الأرض، وحلُّ ما يسمَّى بالقيادة العامَّة للجيش -خليفة حفتر- وإن اتَّفقنا معه في الحلِّ-على حسب تصوُّره طبعا- وبالتأكيد أغلبيَّة الليبيِّينَ مع هذا الحلِّ، إلَّا أنَّ آليَّاتهُ هيَ التي تثيرُ الاستغربَ، فقد أعقب ذلك بقولهِ:” وأمريكا قادرةٌ على ذلكَ” بما يشبهُ تسويقًا فجًّا للمشروع الأمريكي-العشريَّة- والذي لن يتحقَّقَ إلَّا بوجود عسكري أمريكي ضخم ونوعي على الأرض، أو هذه التصريحات تشير إلى بدايات تشكيل جديد على الأرض من النخبة يُنادي بضرورة أن تكون أمريكا الفاعل الأكبر على الأرض-عسكريًّا- وأن تعوِّض بقيَّة الفاعلين
هو حلٌّ من الحلولِ بالتأكيد، ولكن نعتقد بأنَّ كلَّ من جرَّبهُ سابقًا سواءٌ في العراقِ أو في أفغانستان، أو حتَّى في الفيتنام في القرن الماضي صار يكفرُ بمثل هذه الحلولِ ومثل هذه الآليَّات.
-5 زائد 5:
-يعتبرُ وصولُ الفريق أوَّل عبد الرزَّاق الناظوري رئيس أركان الجيش الليبي بالمنطقة الشرقيَّة إلى طرابلس وأعضاء اللجنة 5 زائد 5″امراجع والفرجاني وقعيم- المخوَّل لها بالنظر في المسألة العسكريَّة والأمنيَّة من أجلِ تهيئةِ الأجواء للانتخاباتِ المزمع عقدها نهاية هذه السنة-بل المتأمَّلُ عقدها أصحُّ-، كما أكَّدت على ذلك الأمم المتَّحدة، ومهما كانت مخرجات هذا اللقاء الفنِّي أساسًا والتشاوري أيضًا، إلَّا أنَّهُ في خاتمة الأمر هو خطوةٌ متقدِّمة في طريق إمكانيَّة توحيدِ المؤسَّسة العسكريَّة تحت قيادةٍ واحدة، ممَّا يفتح البابَ على فرضيَّةِ جمعِ السلاحِ، وبالتالي حلِّ ما يُسمَّى الميليشيات وحصر السلاح لدى الدولة فقط،أو إعادة دمجها في الجيش وفي الأمن مثلما تمَّ في العديد من البلدان وأفغانستان بعد خروج الأمريكان آخر تلك التجارب، وقد التقى الناظوري بالحدَّاد رئيس أركان الجيش-الغرب الليبي- وقد شارك الجميعُ صحبةَ باتيلي طبعًا في حفل إفطار أقيم على شرف اللقاءِ، وقد شاركَ فيه العديد من القادة العسكريِّين-أصحاب الفصائل على الأرض-فيما يشبهُ نوعًا من التزكية لعمل اللجنة، غير أنَّ اشتباكًا قد جدَّ في مقرِّ احدى الميليشيات في طرابلس قبيلَ اللقاء بساعاتٍ قُرئَ منهُ نوعٌ من عدم الترحيبِ بالضيف-الغير مرغوب فيه- أو عدم الارتياح الفصائلي، أو شقًّا منها لا يرى في توحيد السلاح تحت جهة واحدةٍ إلَّا طريقًا معبَّدة للخروج من اللعبة العسكريَّةِ السياسيَّة على الأرض، ولمن يحسن قراءة الخريطة الفصائليَّة في الغرب الليبي يدركُ وأنَّ هذا الأمر صعبُ المنالِ، أي توحيد الفصائل أو نزع أسلحتها أو دمجها في سبيل توحيد القوَّةِ العسكريَّة الشرقيَّة والغربيَّة تحت قيادة واحدة.
-عبد الله اللافي النائبُ بالمجلس الرئاسي يلتقي بعد يومينِ من عقدِ اللجنة 5 زائد 5 مشاوراتها المراطونيَّة من أجل الخروج بصيغة توافقيَّة عمليَّة تكون خطوةً أولى في مشروع توحيد المؤسَّسة العسكريَّة، وقد أعلم اللافي الأعضاء الذين التقاهم بدعم المجلس الرئاسي لأيِّ خطوات تشاركيَّةٍ تفضي إلى توحيدِ المؤسَّسةِ العسكريَّة.
-في الاتِّجاه المعاكس آمرُ لواءِ الصمود صلاح بادي لم يرحِّب لا باللقاءِ ولا بمكانه-طرابلس-ولا بمن حضرَ من الثوَّار معتبرًا وأنَّ رصيد ما يُسمَّى بقادة الثوَّار قد نفد وهم يضعون أياديهم في أيادي ما أسماهم بالقتلة والمجرمين، ومازلنا في الأيَّامِ القادمة على ما نرى طبعًا سنستمعُ للكثير من تلك الأصواتِ المرتفعةِ الرافضةِ لأيِّ شكلٍ من وضع اليد في اليد مع من أسموهم قتلة ومجرمين، لذا أشرنا سابقًا إلى أنَّ توحيد المختلف المتنافر على الأرض يبدو صعبًا جدًّا ولا توجدُ تجاربُ مقارنةٌ ناجحةٌ ممكنُ أن نستأنس بها، إلَّا إذا وجدت قوَّةٌ على الأرضِ الليبيَّةِ خالصةٌ لها القدرةُ على حسم الأمرِ عسكريًّا على الأرضِ أوَّلًا، وإعادة صياغة ليبيا جديدة إمَّا عبر التفاوض مع الجهات المتنافرة سياسيًّا، وإمَّا عبر فرض الأمر الواقع الديموقراطي لاحقًا.
-استراتيجيَّاتٌ طاقيَّة:
يقدِّرُ الخبراءُ وأنَّ ليبيا استهلكت إنتاجًا في حدود نصف المخزون المؤكَّدِ من النفط، أي حوالي ثلاثين مليار برميل نفط من ثماني وأربعين مليار برميل، وعمليًّا لم يتمَّ اكتشافُ أيِّ حقل من الحجم الكبيرفي ليبيا منذ تسعينات القرن المنصرم، وإن كان المتبقِّي سوقيًّا يعتبرُ ثروةً كبيرةً جدًّا مقارنة بالحاجيَّاتِ الليبيَّة-من العُملة- منهُ، ولكن ألا يطرح أيضًا استهلاكُ أكثر من نصف المخزون المؤكَّد ضرورة أن يفكِّرَ الساسةُ والاستراتيجيُّونَ الليبيُّونَ في ضرورةِ تنويع مصادر الدخل القومي بالنسبة للبلدِ، والابتعادِ عن الاقتصاد الريعي، أو على الأقلِّ معاضدتهُ بمجالاتٍ تصنيعيَّةٍ أخرى أو فلاحيَّةٍ، وربَّما تحويليَّةٍ أيضًا،مع أنَّ هذا الطرح يعتبرُ من الترفِ الذهني قبل أن تستقرَّ ليبيا وتعيدَ بناء مؤسَّساتها الدستوريَّة.