تتصاعد التحذيرات الدولية من تأثيرات احتمالية حدوث حرب طويلة الأمد في السودان على دول الجوار وخاصة ليبيا التي مازالت تعاني من آثار الحرب السياسية والاقتصادية منذ اندلاع الثورة وحتى يومنا الحاضر.
وقالت وحدة الاستخبارات الاقتصادية الصادرة عن مجلة ذي إيكونوميست البريطانية، أول أمس الثلاثاء، في تقرير لها يرصد التوقعات، إن اندلاع الصراع الأهلي الأخير في السودان سيكون ذا تأثير سلبي على الوضع في ليبيا المجاورة، لا سيما في المناطق الجنوبية من البلاد المعروفة باسم فزان.
وقال التقرير إن القتال بين القيادات العسكرية وشبه العسكرية في السودان يهدد بعرقلة خطط إعادة المرتزقة السودانيين إلى وطنهم من ليبيا.
وتوقع التقرير أن يؤدي استمرار حالة عدم اليقين السياسي في ليبيا إلى جانب الصراع المعقد في السودان، إلى تأخير الانتقال السياسي في ليبيا وتفاقم المخاطر الأمنية.
وأشارت وحدة الاستخبارات الاقتصادية إلى اعتماد ليبيا على السودان من أجل التنسيق المشترك وتبادل البيانات، وذلك لتسهيل عودة المرتزقة السودانيين من الأراضي الليبية إلى جانب التعاملات الاقتصادية، على الرغم من محدودية التجارة الثنائية.
وتحدث التقرير أنه وفي منتصف فبراير، أفادت وسائل الإعلام السودانية المحلية عن خطوات إيجابية بشأن الاستعدادات لتسجيل أسماء المرتزقة من أجل إعادتهم في نهاية المطاف من ليبيا إلى السودان، لكن هناك نقصاً في المعلومات الملموسة لتأكيد ما إذا كان هناك تقدم كبير.
وزار رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا عبد الله باتيلي، السودان في 30 آذار/مارس، لإجراء مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، حول الجهود الدولية لإخراج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 11 ألفاً من المرتزقة من السودان موجودون في ليبيا العام 2021، وكان معظمهم يقاتلون في صفوف القوات المتحالفة مع الجيش الوطني الليبي الذي يرأسه خليفة حفتر، وفق إيكونوميست.
وتحدث التقرير البريطاني عن سهولة تمكن المقاتلين السودانيين من العبور عبر الحدود المشتركة مع ليبيا في وجود مخاطر جدية تتمثل في عودة العديد منهم إلى السودان والمشاركة في الصراع الأهلي المتسع هناك، وربما استخدام الأراضي الليبية كقاعدة لشن غارات منها.
وتقول تقديرات الأمم المتحدة، إنه يمكن أن يؤدي الانتقال السلمي وإعادة الإعمار في ليبيا إلى تعزيز الأداء الاقتصادي في السودان بمقدار 22.7 مليار دولار أمريكي ما بين أعوام 2021 و2025.
وعلى العكس من ذلك، سيؤدي استمرار الاضطرابات وتصاعد العنف في السودان إلى إضعاف الآفاق السياسية والاقتصادية لليبيا وزيادة مخاوف المستثمرين بشأن الأمن والإدارة السياسية والاقتصادية الواضحة والمساءلة في ليبيا.
ورجّح التقرير البريطاني أن يؤدي القتال في السودان إلى زيادة تدفق اللاجئين إلى ليبيا، مما يزيد من إجهاد العملية السياسية في ليبيا، نظراً إلى تزايد انعدام الأمن وعدم اليقين.
وتوقع التقرير أن يؤدي الصراع في السودان إلى زيادة انعدام الأمن على الحدود في جنوب ليبيا، مع تحركات عبر الحدود لكل من المقاتلين والمدنيين النازحين، إذ سيؤدي هذا السيناريو إلى تحويل تركيز الجيش الوطني الليبي نحو إما تأمين الحدود مع السودان (حيث تتمتع قواته بأكبر قدر من النفوذ) وإما توفير ملاذ آمن للمقاتلين السودانيين الذين كان من الممكن أن يقاتل العديد منهم سابقاً في ليبيا، حسبما تقول المجلة البريطانية.
وحسب التقرير، ستتأخر عملية الانتقال السياسي في ليبيا بسبب هذه الاضطرابات مع احتمال إجراء انتخابات في ليبيا قبل العام 2024، مما يزيد من مخاطر انتشار عدم الاستقرار على المدى القريب وربما يضعف آفاق النمو الاقتصادي.
وحذرت المجلة أيضاً من خلق الوضع الأمني المتدهور في السودان مخاطر غير مباشرة على تشاد المجاورة، بسبب حركة عدد كبير من اللاجئين وانخفاض الوجود الأمني في المناطق الحدودية وتدهور الأوضاع الإنسانية.
وفي تصريح جديد، قال المبعوث الأممي الخاص لدى السودان فولكر بيرتيس، إن خليفة حفتر مؤيد لأحد الطرفين (في الصراع الدائر في السودان منذ منتصف الشهر الماضي)، لكنه أكد أن دور حفتر ليس حاسماً في هذه الحرب.
ولم يرد بيرتيس خلال حوار حصري مع قناة «دويتشه فيله» الألمانية بوضوح على تساؤلات حول وجود مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية في منطقة الصراع، قائلاً: «ليس لدي دليل ملموس على تورط مرتزقة (فاغنر) في هذه الحرب. لا يمكنني تأكيد ذلك، ولا يمكنني القول إن الأمر ليس كذلك».
واتهمت وسائل إعلام غربية قوات القيادة العامة بدعم حميدتي، بالصراع الدائر منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، وهو ما تنفيه قوات حفتر.
والأسبوع الماضي، قالت جريدة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية، إن قوات حفتر دربت قوات الدعم السريع السودانية التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ «حميدتي» على قتال المدن خلال الفترة بين فبراير ومنتصف أبريل الماضي.
ونقلت الجريدة عن مصادر إعلامية ليبية ومحللين، أن المشير خليفة حفتر نقل معلومات استخباراتية مهمة إلى قوات حميدتي، وعزز إمدادات الوقود إليها من ميناء بنغازي.
صحيفة القدس العربي- الخميس , 11 مايو , 2023