-ليبيا في أسبوع:

-حدثُ الأسبوع

ليبيا وتونس هل نحنُ على أبوابِ أزمةٍ ديبوماسيَّة:

أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس قيس سعيَّد خلال زيارته للوكالة الوطنيَّة للأنشطة البتروليَّة الغضب الواسع في ليبيا الرسميَّة وغير الرسميَّة، والمتمثِّلةُ في استهجانه لمخرجات التحكيم الدولي حول الجرف القاري-حقل البوري-، رغم مرور كمٍّ هائل من السنوات حول الموضوع وآثاره وتداعياته، ولم يفتح الإشكال مجدَّدًا منذ أغلق لا في عهد الراحل بورقيبة ولا ابن علي، ولا فُتح مع المرزوقي ولا الباجي بعد الثورةِ، باعتبار وأنَّ الإشكالَ يعدُّ منتهيا زمنيًّا وواقعيًّا، ولا داعي لإثارته من جديد، فلا توجد أيُّ مصلحةٍ في إثارته لا للِّيبيِّين ولا للتُّونسيِّين، ولا فائدة ترجى من إعادة فتحه، فالمشتركُ بين البلدين مهما كانت الظروف أكبر من إعادة إشكال قديم حُلَّ بالتحكيم الدولي، وإن فشل الشقُّ المشرف حينها على الموضوع من جانب تونس-العميد السابق لكلِّيَّة الحقوق الدكتور الصادق بلعيد- في إعداد ملفٍّ قانوني يكفلُ حقوقًا أفضل لتونس في منطقة النزاع النفطي البحري، إلَّا أنَّ الأمر تجاوزهُ الزمن كالعديد من المشاكل العالقة بين الكثير من البلدان المتجاورة خاصَّة، والتي يرى الجميع-العقلاء طبعًا- بأنَّهُ لا فائدة في فتحها كي لا نخسر ما بُنيَ من علاقات تلت ذلك الخلاف الإشكال، وللعلم فإنَّ القذَّافي قد عرض على بورقيبة اقتسام عائدات الجرف القارِّي، والأخير رفض العرضَ ولجأ إلى التحكيم الدولي، فخسر القضيَّةَ، وكانت مخرجاتها في مجملها في صالح ليبيا.

سنحاولُ أن نرصد في هذه الورقة أهمَّ الردود المتعلَّقة ببوادر الأزمة-لا سمح الله- وخاصَّة من الجانب الليبي المعني أكثر بهرطقات قيس سعيِّد فيما يخصُّ الجرف القاري-حقل البوري-

-مختار الجديد الخبير الاقتصادي المعروف طالب عبر صفحته على الفايسبوك الدبيبه باتِّخاذ موقفٍ حازمٍ وحاسمٍ ضدَّ الرئيس التونسي قيس سعيِّد فيما يخصُّ تصريحاته المستفزَّة، والتي تتعلَّق بحقل البوري، معتبرًا وأنَّ الدافع وراء تلك التصريحات هو محاولة قيس سعيِّد تصدير أزماته الاقتصاديَّة والسياسيَّة خارج تونس فقط لا غير، ملوِّحًا بإمكانيَّة أن يكون لذلك التصريح غير المسؤول الكثير من التداعيات السلبيَّة في العلاقة بين البلدين.

-من جانبه محمد عون وزير النفط والغاز الليبي بحكومة الوحدة الوطنيَّة طالب الحكومة بأن تتَّخذ لها موقفًا صارمًا وواضحًا من تصريحات قيس سعيِّد، معتبرًا وأنَّ الأخير قد خلط بين إشكاليَّة الجرف القارِّي، وبين حقل البوري الخالص للدولة الليبيَّةِ، أمَّا الجرف القارِّي فهو مشروع شراكة ليبيِّة تونسيِّة، وقد أنشئت في الغرض سنة 1988 شركة لإدارته لصالحِ البدلين، إلَّا أنَّها لم تباشر مهامَّها.

رئيس لجنة الطاقة بمجلس النوَّاب الليبي عيسى العريبي اعتبر وأنَّ المجلس يدرس الآن مواقف قيس سعيِّد من المسألةِ، ولاحقًا سيتمُّ الردُّ عليها.

ليبيا في أسبوع:

-تداعيات مبادرة باتيلي:

-اعتبر جلال الشويهدي مبادرة باتيلي حول الانتخابات مرفوضةً من طرف النوَّاب، وحمَّل الشويهدي باتيلي مسؤوليَّة تأجيج الخلاف بين الفُرقاء ومجلس النوَّاب، وكنَّا قد عرضنا سابقًا مختلف المواقف من مبادرة باتيلي، واعتبرنا بأنَّها لم تأت بجديد، ولن تقدر على حلحلة الأزمة في ليبيا.

-بدوره اعتبرسعد المريمي النائب والناطق الرسمي باسم مجلس النوَّاب، وأنَّ تشكيل حكومة للإشراف على الانتخابات المزمع عقدها نهاية هذه السنة لن يكون متحقَّقًا إلَّا عبر التدخُّل القوي و الفاعل في الحالة الليبيَّة، وقد صرَّح سابقًا ألَّا بديل عن حكومة واحدة من أجل الذهاب إلى انتخابات رئاسيَّة وتشريعيَّة، ممَّا اعتبرناهُ طرحًا صعب التحقُّق أمام موقف الدبيبه من المسألة وكذلك موقف غيره.

-كما ينتظر أن يعقد مجلس النوَّاب غدا الاثنين 20 مارس جلسة تخصَّص لاختيار الستة الأعضاء الممثَّلين في هيئة 6 زائد6، ويبدو أنَّ الأمر من الصعوبة بمكان، لذا يرى النائب عصام الجهاني بأنَّه على الأغلب ستسند تلك المهمَّة لرئاسة البرلمان حال الخلاف ليتمَّ اختيار ستَّة أعضاء، وهم المخوَّلون بإعداد القوانين الانتخابيَّة الجديدة طبقًا للتفويض الذي مُنح لهذه الهيئة طبقًا للتعديل الدستوري ال.13

-من جانبه السفير الأمريكي  ريتشارد نورلاند طالب الدبيبه بالتنحِّي من أجل الاستعداد للانتخابات الرئاسيَّة، فيما يطرحُ الكثيرون أكثر من فرضيَّة سيبني عليها الدبيبه موقفه ليس أقلَّها رفضه للتنحِّي بادِّعاء شرعيَّته، وهو ما سيعيدُ الكورة إلى الملعب الأوَّل، ويسقط أيَّ فرضيَّة في إجراء الانتخابات الرئاسيَّة والتشريعيَّة هذه السنة، أمام إصرار البرلمان ونوَّابه على ضرورة إجراء الانتخابات تحت إشراف حكومةٍ واحدةٍ جديدة، بما يعني أنَّ استقالة الدبيبه شرطٌ أساسٌ من أجل التقدُّم في اتِّجاه المشروع الانتخابي

-الكاتب الليبي  فرج دردور اعتبر في تدوينة له عبر حسابه على الفايسبوك، وأنَّ الترشُّح للانتخابات القادمة في ليبيا ليس حقًّا ممنوحًا لأيِّ ليبي مهما كانت صفتهُ، بل لا بدَّ من الفلترة قبل السماح بالترشُّح،  وذلك لأنَّ الكثيرين ممَّن يقودون ليبيا اليوم على أنَّهم نخبة وصفوة هم متورِّطونَ في جرائم تجاهَ الشعب الليبي، وبالتَّالي فلا يسمح لهم بعرض أنفسهم على الشعب ليختارهم للسلطة من جديد تحت قاعدة “خلِّي الشعب يختار بنفسه “فالقاعدة الفلسفيَّة للانتخابات هي التنافس بين الصفوة وليس بين الأسوأ، وأمَّا فيما يخصُّ الجيش فلا مجال له إلَّا لحماية البلد من أيِّ هجوم معادي خارجي، ولا علاقة له بالشأن السياسي لا من قريب ولا من بعيد

-من الإشكاليَّات المتداولة إلى حين أن تفضَّ رسميًّا من خلال اللجنة6 زائد6 أو من خلال توافقات البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في اللحظات الأخيرة، هي إصرار خليفة حفتر على خوض الانتخابات الرئاسيَّة المزمع عقدها نهاية هذه السنة ببدلته العسكريَّة، وبجنسيَّته الثانية، ورغم أنَّ التعديل الثالث عشر للدستور ترك له مخرجًا للعودة إلى منصبه العسكري حال عدم الفوز، وهناك من اعتبر هذه الخدمة الجليلة قدِّمت لهُ خصِّيصًا من عقيلة لطمئنتهِ إلَّا أنَّهُ أصرَّ على مطلبيه فيما يشبهُ تحدِّي كسر عظام، أو تحدِّي الشخص الموقن بألَّا جدوى من الانتخابات القادمة وهو مكتفٍ بالأمر الواقع الذي عليه ليبيا الآن.

 في التعديل الثالث عشر والمتظمِّن لهذه الفقرة:”يُحدِّد القانون-الذي ستحدِّدهُ في الأيَّام القادمة لجنة 6 زائد6- ضوابط وشروط ترشيح رئيس الدولة، ومتولِّي المناصب، وينظِّم استقالتهم من عملهم، وآليَّة عودتهم لسابق عملهم في حالة عدم الفوز” وسنرى لاحقًا إذن التخريجة القانونيَّة التي ستكون أكثر طمأنة لخليفة حفتر حتَّى تتقدَّم البلادُ خطوةً أخرى في سبيل إرساء تقاليد ديموقراطيَّة تنأى بها عن صراع الميليشيات على الأرض.

-في اللقاء الذي عُقدَ يوم السبت18 مارس بين الدبيبه ووزير داخليَّته عماد الطرابلسي ورئيس الأركان العامَّة طالب العديد من أعيان الزنتان ومصراته بالاستفتاء على القاعدة الدستوريَّة، وبالتَّالي إشراك الشعب مباشرة في تفصيلات المبادرة، وليس إسقاطها من فوق، ولاحقًا يتحمَّلُ الشعب الليبي برمَّته تداعياتها خاصَّة السلبيَّة منها، وكذلك دعو إلى رفض استمرار المراحل الانتقاليَّة، والانتقال عبر أيِّ مشروع جديد إلى مرحلة استقرار دائمة، تؤسِّسُ لدولة ديموقراطيَّة مستقرَّة.

-المنفي بدورهِ يرحِّبُ بالمبادرة عبر حسابه على الفايسبوك ،ويحثُّ اللجنة 6 زائدة 6 على سرعة الانعقاد والتوافق في التفاصيل المزمع التشاور حولها وتخريجها كقوانين انتخابيَّة لاحقًا من أجل أن تشهد ليبيا انتخبابات تشريعيَّة ورئاسيَّة في موفَّى هذه السنة.

-في خطوة فنِّيَّة متقدِّمة عقد الثالوث رؤساء المفوضيَّة الوطنيَّة العليا للانتخابات والهئية العامَّة للاتِّصالات والمعلوماتيَّة ومصلحة الأحوال المدنيَّة لقاء تشاوريًّا من أجل ضبط سجلِّ موحَّد-انتخابي-محيَّن، يوضعُ تحت تصرُّف المفوَّضيَّة الوطنيَّة العليا للانتخابات الجهة الرسميَّة الوحيدة المشرفة على العمليَّة الانتخابيَّة ،وخاصَّة في الشقِّ اللوجسيتي والفنِّي منه أساسًا

-يبدو أنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة بدأت تنزل بثقلها  على الأرض من أجل إمكانيَّة إجراء الانتخابات الرئاسيَّة والتشريعيَّة الليبيَّة موفَّى هذه السنة، وفي هذا الإطار فإنَّ  مساعدة وزير الخارجيَّةالأمريكيَّة لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف قد التقت أمس الإثنين خليفة حفتر وقد تناول اللقاء الدعم الأمريكي لمشروع باتيلي في ليبيا من أجل الاستقرار، وفتح الطريق أمام الاستثمار الأجنبي في ليبيا، كما التقت اليوم الثلاثاء صحبة المبعوث الأمريكي إلى ليبيا، والقائم بأعمال السفارة برئيس الحكومة الوطنيَّة عبد الحميد الدببيه وتناولا الموضوع نفسه، ومن النقاط التي طُرحت في اللقاء اعتبار الأمريكان فاغنار مليشيا إجراميَّة عابرة للقارَّات، كما التقت مساعدة وزير الخارحيَّة عقيلة صالح مشدَّدة على الدعم الأمريكي لباتيلي.

-لم تتأخَّر مصرُ كثيرًا في إبداء رفضها لكامل مشروع الأمم المتَّحدة معتبرة بأنَّ باتيلي أصبح جزءًا من المشكل وليسَ جزءًا من الحل، في إشارة واضحة إلى رفضها المطلق لكامل المشروع معتبرةً وأنَّ إجراء انتخابات هذه السنة في ليبيا مع انتشار السلاح والمليشيات يعتبرُ من العبث السياسي، كما أنَّها رفضت أن تتولَّى أيُ جهة خارج أطر الدولة الإشراف على الانتخابات، وخاصَّة مع وجود مجلس نوَّاب منتخب.

اقتصاديًّا: يبدو أنَّ فرنسا تحاولُ العودة للسوق الليبيَّة الواعدة بعد فتور العلاقات التي مرَّت بين البلدين، وربَّما ما  زال البلدان يمرَّان بها، وفي إطار محاولة العودة للسوق الليبيَّة، فإنَّ  مجموعة سانت مارغريت تجري منذ مدَّة مفاوضات مع حكومة الدبيبه من أجل تحديث العديد من المستشفيات خاصَّة في الجنوب الليبي، وفي الإطار نفسه وقع توقيع اتِّفاقيَّة بين شركة مدفوعات الهاتف المحمول الفرنسيَّة وشركة المدار الجديد،وقد رحَّب وزير المواصلات محمد الشهوبي بالخطوة الجديدة-الاتِّفاقيَّة التي تحدَّثنا عنها-خلال لقائه بالسفير الفرنسي في طرابلس، وقد طرح في الإطار نفسه إشكال حظر الطيران الليبي من التحليق في الفضاء الأوروبِّي، وينتظر زيارة لجنة خبراء أوروبيِّين في الوقت القريب من أجل النظر في إمكانيَّة رفع ذلك الحظر.